يبدوا أن الجميع مهموم ومشغول بمنافسات عالمية نحو التقدم والنهضة والقضاء على الجهل والفقر والمرض ، ويبدوا أن الجميع فهم بأن لا سبيل لذلك بغير العلم ، ويبدوا لي أيضاً بأن نشر دين الله سبحانه في هذا الزمان يكون بكشف ما أدخر لنا من معجزات علمية كونية تنطبق مع آياته القرآنية ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) فعندما تلتقي آيات الله الكونية مع الآيات القرآنية فإن ذلك دليل على أن من خلق هذه الأكوان هو من أنزل القرآن ، فزمن تذوق وانبهار قريش باللغة العربية في القرآن وإعجازهم بذلك كأعلى قيمة معرفية عندهم انتهى ، لأن جيلنا ليس متذوقا لجماليات اللغة العربية كجيلهم ولم يعد يبهرنا الا الحقائق العلمية ، التي لابد أن نكشف ما أدخر الله لنا منها في القرآن ، كمعجزات تناسب اعلى قيمة معرفية عندنا (الحقائق العلمية).
فلعلم الله سبحانه بهذا (الاختلاف) بين القيم المعرفية أدخر لنا معجزات كونية تزيد من إيماننا بالقرآن ، فإذا كان الله سبحانه قد راعى اختلاف القيم المعرفية بين الأزمان في كتابه الكريم ، لارتباط المعرفة بالقرآن الكريم ، فلماذا لا يراعي البشر اختلاف قيم القوة والضعف بين العصور المختلفة ، إذ لا أتوقع أن هناك أعلى من قيمة قوة العلم في عصرنا الحاضر ، ولا أدنى من قيمة الجهل ، فالدول المتقدمة علمياً هي الأقوى سياسياً واقتصاديا ولا اختلاف على ذلك ، بعكس العصور السابقة التي تكون فيها القوة السياسية والاقتصادية تعتمد على توسيع المساحات الجغرافية التابعة .
خرج علينا جماعات يحملون وقود روحي لعمل مالا ينبغي عمله على طريقة العصور السابقة (مدرعمين عكس ) !، قد يكون هدفهم الخروج من حالة الضعف التي يمر بها المسلمون ، ليرسموا لذلك خريطة أحلام دموية ! ، فبن لادن عندما أسس القاعدة مع أيمن الظواهري كانوا يرون أن يتم السيطرة على المساحات الإسلامية بالكامل لأن ذلك في نظرهم سيعيد زمن القوة السياسية والاقتصادية والعلمية للأمة ! ، فكانت خطة الظواهري أن يتم قطع رؤوس الدول الإسلامية حتى يسيطرون عليها ، وبن لادن رأى أن أمريكا ستحميها فلابد من البدء بها ! ، فكانت أحداث 11سبتمبر من ضمن أحلامهم الدموية ! ، وألفوا كتبا لإقناع جماعاتهم بقتل المسلمين وولاتهم بعد أن اجتهدوا في إثبات كفرهم ! ، وكأن الإسلام جاء ليكفر ويقتل لا لينشر العدل والسلام ، فملك الحبشة لم يكن مسلم ومع هذا صلى عليه نبينا عند وفاته صلاة الغائب لعدله ، وشتان بين المشهدين.
ويعتمدون في ذلك على حديث الخلافة الذي أختلف في سنده ، حديث يحكي شواهد تاريخية ستحصل ولم يأتي فيها أي أمر نبوي لتحقيقها ، فلن يحاسبنا الله إن لم نحققها ، ومع هذا يستبيحون الدماء ويقطعون رقاب ويكفرون المُصَلين ، لتحقيق مالم يؤمروا بتحقيقه ولم يُبَلَّغوا بميقاته ولم يثبت صحة سنده !.
لم نجني من أحلامهم الداعشية الذهانية الهوسية إلا التنفير من ثقافتنا الإسلامية ، في زمن يجد أبنائنا انجذاب ثقافي للثقافة الغربية التي سخرت كل إمكاناتها ومواردها لإيقاد روح الشغف العلمي في أفرادها ، ولا يظلم ربك أحدا .
السير في طريق النهضة والاعتزاز بهويتنا يحتاج منا صناعة جاذبية لثقافتنا الإسلامية عن طريق إخماد الأحلام الدموية ، والسعي لضخ وقود روحي نحو العلم : العلم : العلم .