قال تعالى :
} إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّين (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24( {سورة المعارج
استوقفتني هذه الآيات العظيمة التي تصف الإنسان بفطرته التي جُبل عليها ، إذ خُلق هلوعا دنيء النفس خسيس الهمة لو أصابه الضُر لفزع وجزع وانخلع قلبه من شدة الرُعب ، وآيس أن يحصل له بعد ذلك خير ، وإن حصل على ذلك الخير لبخل واستغنى ومنع حق الله فيه لُيُرضي تلك النفس الجشعة .
إلاّ من عصمه الله وذاق حلاوة الإيمان ولذةَ الطاعةِ والإحسان ، فآمن بأنّ رزقه مكتوب وأجله محتوم فلا دنيا اشغلته ولا جزعاً أصاب قلبه فأهرمته ،
وعاش مستقراً في دُنياه سليم العقلِ والمنطق واستبشر ورضي وارضى عنهُ خالقه وعلم بأنّ ما أصابه من خيرٍ فهو منه سبحانه فشكر وحمد .
وإن أصابه الشر احتسب واسترجع وعلم بما ينتظره في الآخرةِ من جزاء صبره في الدنيا جنةٌ عرضها السموات والأرض ، وتيقن تمام اليقين بأنّ الدنيا لم تَكمل لأحد ولا يوجد فيها من حصل له كل مطلوب واستشعر معنى الحياة الطيبة لأنهُ رضي وقنِع فعاشَ سعيداً ومات رضيّاً .
وإذا ابتليت فتُب لله ولا تجزع
و إذا عوفيت فاشكر الله ولا تقطع
و إذا وقف بك أمر فلا تيأس و لا تطمع
وفوض أمرك لله فهو نعم المرجع
ولنعلم أنّ الحياةَ الطيبة ليست هي الحياةُ السعيدة التي تخلو من الحزنِ والهم ولكنّها بالرضا والقناعة والتّزود بالعمل الصالح تكون طيبةً مباركة .
يقول الله تعالى } مَنۡ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَى وَهُوَ مُؤۡمِنٌ فَلَنُحۡيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ يَعۡمَلُونَ ( 97 ){ سورة النحل
وفقني اللهُ وإياكم لكل خير .
بقلم : شريفة العمري