علي صحفيا حاذقا ومتمرسا وبارعا في عمله، وقد أقول انه يفوق رجال المخابرات في التقصي والتوثق من المعلومات وصحة الأشخاص المنسوبة لهم، يبحث بإستمرار في أرشيف المجمتع ويغربله باحثا عن أدلة على من يعول هذا البيت الفقير الذي توفي والدهم وعائلهم الوحيد منذ شهور ولم يهب أقاربهم لنجدتهم قبل الهلاك في لجات الفقر والعوز والحاجة والإستغلال ،وبعد التعب من البحث والتنكر والتخفي خلف شخصيات كثيرة قرر أن يسأل صاحبة البيت ولكنها لأتعرف من هو هذا الرجل الذي يتردد عليهم الذي رأه أول أمس يمسح رعاف أحد ابناء الأرملة من أنفه ويزيل الوسخ من رأسه بعد ما أعطاهم المبلغ الشهري لهم، والصحفي في الطريق عائدا إلى بيته أراد التوقف عند أحد المساجد لقضاء الحاجة فشده رجل يصلح سباكة المسجد ويقوم بتنظيف دورات المياه مع عدد من العمال فسأله هل أنت من سكان الحي قال: لا ولكني ادور على عدد من المساجد لإصلاحها وتنظيفها والعناية بها، فركب الصحفي سيارته وأكمل طريقه وعندما أخذ المنعطف وجد عدد من الأطفال يتشاجرون وبينهم رجل يفرقهم ويحاول الإصلاح بينهم وهم يتهارشون في حظرته ويضحك لهم ومنهم ويعطي للاطفال مبالغ مالية للقبول بالصلح ويهديهم ويقول : أنتم اخوة وأبوكم هو هذا الحي، ومانعكم من التعدي والصبر على الآذى هو الجوار، ولو أن فضائل الأخلاق وضعت في كفة ووضع الجوار في كفة لاغلبه الجوار لان الجوار يجمع الكرم والصبر والحلم على الآذى، فقرر الصحفي إكمال طريقه وهو مبهور من هذا الرجل وبلاغته.
توقف عند البقالة ليشتري عصير وماء يبتل به ريقه بعد المخاض الطويل في إرشيف المجتمع وفرز سواده من بياضه وجلس على رصيف البقالة يرقب المارة بأعينه ومر به رجل وبقي في البقالة ساعة ثم خرج ولم يشتري شي فسأل عامل البقالة الهندي بعد غياب الرجل في أزقة الحي كاسرا لغته العربية.
الصحفي :صديق هذا نفر ايش يبغى مافيه يشتري.
الهندي: هذا نفر كل شهر يجي سوي سداد فلوس هذا بيت هناك ابو هو سجن فيه مخدرات.
الصحفي : إنتا مافيه معلوم هذا نفر مين.
الهندي: أنا معلوم هذا نفر هذا ابو خالد سكن هنا زمان هو يجي سداد كل شهر هذا بيت .
بدأ الليل يخيم على الحي وقرر الصحفي العودة لبيته وإكمال السبق الصحفي غداً.
تحرك الصحفي في الصباح الباكر لإكمال عمله الذي هو مشغوف به إلى حد الثمالة وذهب إلى عمله في الصحيفة لقضاء بعض الاعمال وخرج للتوجه إلى الحي وعندما دخل الحي انفجر إطار السيارة فنزل من السيارة لإصلاحه فلم يعرف كيف يقوم بذلك وكان الجو حارا في الظهيرة وحاول البحث عن مساعدة ولكن ولايوجد احد للمساعدة لأن الكل في عمله والحي فارغ تقريبا من المارة قرر التوجه إلى المدرسة التي في رأس الشارع على قدميه ودخل على مدير المدرسة ورحب به وحياه واستقبله بحفاوة فظن الصحفي أن المدير يظن أنه من الإشراف التربوي فقال له:
الصحفي : أنا الصحفي علي وأتوقع أنك تظن أنني من الإشراف التربوي.
المدير: أعلم أنك لست من الإشراف التربوي رأيت سيارتك في شاشة الكاميرات.
الصحفي : كنت أظن ذلك عندما رأيت استقبالك لي بحفاوة وتقدير.
المدير: هذا نظامنا مع من يزورنا أي كان، ماقلت لي كيف أستطيع خدمتك.
الصحفي : سيارتي تعطلت بالقرب من المدرسة ولم اجد الا انتم للمساعدة.
المدير: أبشر انت الان ارتاح وكل شي سيكون بخير بإذن الله.
في هذه اللحظة دخل طالب وقال للمدير أبغى مصروفي فقال أبشر إذهب إلى المرشد الطلابي.
الصحفي : هل هذا الطالب ابنك.
المدير : لا
الصحفي: طلب منك ان تعطيه مصروفا.
المدير : هذا من الطلاب ذوي الدخل المحدود والذين لايستطيعون الحظور للمدرسة بمصروف وضعنا صندوق للطلاب يتم جمعه من المعلمين لإفطار الطلاب هؤلاء بكل سرية لكي لايخجلون من زملأوهم.
فجأة دخل المرشد راشد بأحد الطلاب وقال للمدير هذا الطالب كل يوم يتأخر.
المدير : خلاص يافهد اذهب لفصلك وساستدعيك لاحقا، يااستاذ راشد هذا الطالب إذا تأخر في المرة القادمة لاتوبخونه لانه يتيم بلا أم ولا اب ولا يوجد أسرة تحتويه خارج أسوار المدرسة فلا نريد أن نطرده من أسرة المدرسة التي يحس فيها بالأمان، وأيضا نريد ان نعزله من أصدقاء السوء الذين ينتظرونه في الخارج.
المرشد الطلابي: طيب، واحببت اخبارك قبل ان أنسى اليوم العصر اتفقت مع طلاب الصف الثالث المتوسط لزيارة ابو زميلهم سالم بعدما خرج من المستشفى وسنأخذ معنا هدية وذلك لمواساة سالم وتغيير نفسيته.
المدير: لا مانع أبداً لي.لو سمحت يا أستاذ راشد استدع الأستاذ ناصر وصالح وسعيد ابغاهم ضروري وبسرعة.
الصحفي: سعادة المدير انا في عجلة من أمري سأخرج وأحاول إصلاح السيارة.
المدير: طيب
وعند خروج الصحفي ووصل إلى باب المدرسة وبرفقته المدير وجد طلاب يتشاجرون وكل منهم يلمز الأخر بقبيلته وينتقصه بها، والآخر غير قبلي ففرقهم المدير وقال : يابني إعلموا أنه لاسلام ولا أمان مع العنصرية أنتم هنا إخوة وهناك إخوة. وتفرق الطلبة..
خرج الصحفي ووصل إلى سيارته وحاول جاهدا إصلاح السيارة وهو في صراع الوقت والحر وعدم معرفة الحل.
الأستاذ ناصر: السلام عليكم لاعليك سنصلح الإطار في دقائق.
الصحفي يلتفت وراه وإذا الذي وراه هم قامات وأركان المجتمع وليسوا معلمين فقط هؤلاء الذين يبحث في أرشيفهم منذ أيام ولم يصل إلى العقدة التي يريد فكها هم أولا الرجل الذي ينفق على الأيتام، والآخر الذي يهتم بالمساجد، والثالث الذي يسدد الدين عن العائلة التي والدهم في السجن فأصلحوا سيارته، وبعدها أخذ يلوم نفسه وقرر التوقف في الحال وفي الفور على إنتقاد المعلمين في عاموده اليومي في الصحيفة والموسوم بجرائم المعلمين، والكف عن انتقادهم، او الدعوة لتقليل رواتبهم، او استغلالهم في أي عمل اخر دون مقابل بحجة أنهم في العطلة الصيفية وعمل لديهم.
الجانب الآخر من حياة المعلمين والذي لايعلمه الكثير من النقاد لهم والشانئون لوضعهم المالي والاجتماعي
هو أنهم ليسوا معلمين فقط بل اباء ومسعفين وأطباء وباحثين اجتماعين وجمعيات ومؤسسات خيرية وشعراء وأدباء بل هم مجموعة إنسان متنقلة في آن واحد.
- “الصندوق العقاري”: إيداع 647 مليون ريال في حسابات مستفيدي “سكني”
- “كبار العلماء” ترفض تقرير الكونجرس الأمريكي وتؤكد وقوفها التام مع بيان وزارة الخارجية
- أبطال مأرب يأسرون عددًا من الحوثيين بعد معارك شرسة
- شركة الكفاح القابضة تعلن عن وظائف شاغرة
- إطلاق مبادرة تسهيل إجراءات استيراد الحاويات الفارغة في الموانئ
- آبل تستعد لطرح 3 فئات من الهاتف الذكي آيفون 13
- مستشفى قوى الأمن يعلن عن فرص وظيفية شاغرة
- «التأمينات الاجتماعية»: تقديم المشهد الدراسي للأبناء شرط استحقاق المعاش الشهري
- تشكيلة فريق الهلال في مواجهة الفتح اليوم
- مركز غرفة الشرقية للتوظيف يوفر وظائف شاغرة
جديد الأخبار
جديد المقالات
المقالات > “جرائم المعلمين”
سعد عبدالله الكودري

“جرائم المعلمين”
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://shown-sa.com/articles/archives/212897