جبر الخواطر من أجل العبادات ، وهو خلق إنساني رفيع لايناله إلا أصحاب القلوب الرحيمة ، خلص الناس وأطهرهم قلوبا وأنقاهم سريرة ، جبر الخواطر ليس مسألة عابرة أو هو تفضل مزاجي على إنسان ، إنه سمو إلهي تفضل الله به على عباده ليكون مثالا للتعامل بين البشر .
حين تتأمل القرآن وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في جبر الخواطر تعلم حينها ، أننا بحاجة إلى إعادة النظر في منهج التعامل الأخلاقي، في حاجة إلى العناية بالخلق التربوي الذي ننشئ عليه الجيل حين ندعوه إلى الطموح والنظرة للمستقبل وهذا حق ولكن من الأجمل أن تكون هذه النظرة المستقبلية أخلاقية معينة للبشرية على تجاوز أزماتها ، ولا نسقي بذرة الإنانية والفردانية التي تنازع شجرة الرحمة في قلبه من حيث لا نشعر ، فتقتل في قلبه التعاطف مع البشر كل البشر بدعاوى مختلفة وماكان هذا منهج الرحمة والعطف والإنسانية .
حين نرى شواهد القرآن تتحدث عن جبر الخواطر تصاب بالدهشة فالله جل في علاه يجبر خواطر البشر فيجبر خاطر أم موسى عليه السلام بقوله تعالى ( لاتخافي ولاتحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) ويجبر خاطر هاجر أم إسماعيل فيفجر الأرض ينبوعا إلى يوم القيامة ويأتي بقبيلة جرهم من اليمن فيسكنوا مكة لتأنس بهم ويجبر خاطر موسى وأخيه هارون حين خافا من بطش فرعون بقوله تعالى ( لاتخافا إنني معكما أسمع وأرى ) . ويجبر كسرالسيدة مريم أمام قومها حين تكلم عيسى عليه السلام وهو في المهد يحاجج قومه .
وأما السيرة فحدث ولاحرج عن سيرة سيد المرسلين في جبر الخواطر، فيعفو عن قريش بعد سنين من أصناف العداء ويجبر خاطر أباسفيان ) من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ( ، ويجبر خاطر الأنصار بالذهاب معهم حين استشعر عتبهم ، ويجير خواطر قرابته في أعداء بالغوا في عداوته فيقول لابنة عمه : ) أجرنا من أجرتِ يا أم هاني ( ويرحم الطفل الذي فقد طائره ويجبر خاطره ، ويحدث عن بغي تدخل الجنة لأنها جبرت خاطر كلب بماء اسقته ، ويجبر خاطر حمامة بفقد وليدها.. ويعفو عن كثير .
أما الاستعلاء والاستكبار والوقاحة والقباحة ،فليست منهجا سويا ، فمن استعلى هوى في مكان سحيق ، ومن استكبر خر صريعا غير محمود السيرة ومن تواضع لله رفعه .
والوقاحة ليست من الصراحة ولا البيان في شيء إنها ضعف وانهزام وقلة حيلة وانعدام حياء ، والفضاضة والغلظة والشدة في غير موضعها والقسوة والجفاء ليست من الشجاعة في شي،إنها تعبير عن خوف دفين ، لأن الأصل في قيام العلاقات بين الناس التعارف والرحمة والعفو والصفح والإحسان وجبر الخواطر .
يقول تعالى ( أرايت الذي يكذب بالدين ، فذلك الذي يدع اليتيم ، ولايحض على طعام المسكين ) إنه منهج الرحمة والحب الذي يقوم على جبر الخواطر والعناية بالمنكسرين دون تخصيص ويجعلها من أجل العبادات .