بللسمر القبيلة الحجرية العربية التي تعود أصولها للأزد والأزد وهم رؤوس العرب وتنقسم لقسمين كبيرين وهما أثلي وسلاماني فالأثلي يمثله قبائل النباح الأزدية والسلاماني يمثله بالعذمة الأزدية وهما قسمين بني قاعد وآل خريم وتنحدر تلك القبائل لعدد من الحواضر والتي تمثلها حواضر تهامة في جبل الأنبياء المعروف بجبل هادا ويعود لقبائل النباح وجبل ضرم بلعذمه والذي فيه قمة جبل لقمان “نسبة للقمان الحكيم” وقمة الدرعية وسهلها فيه أشهر سوق قديم منذ العصور القديمة وهوسوق خميس مطير الذي يعتبر قلب التهايم قديماً ومركزها ويوجد العديد من الحواضر الأخرى وفي السراة أسواق عديدة تتفرق ما بين الجنوب والشمال وأشهرها سوق الاثنين بال خريم وسوق الجمعة بسدوان وأسواق أخرى.. في خارف و سهول بللسمر من ال حمامة وال عياء لها حضارات ضاربة في عمق التأريخ.
فكانت مملكة الأواس بن حجر(قاعدتها عياء) لها امتداد شاسع تملك كل المقومات الاقتصادية والتجارية والصناعية فلا تتعجب أن تجد الفدعان يبيعون ويشترون الخيول في أسواقهم لحبهم للخيول العربية الأصيلة واقتنائها ولا تتعجب وجود ركائب العقيلات تمرح في أسواقهم لشراء القمح والبن والمقايضات التجارية.. وسجلت الروايات والتأريخ صولاتهم وجولاتهم وحروبهم وأيام عديدة من أيام العرب في الجاهلية.. وأشهراها يوم حراق.. وتلك كانت معارك طاحنة بين قوتين متجاورتين تمثلت في بني واس و مملكة غامد الهيلا و الحرب سجالاً وقد تشبعت المناطق بينهم بنهضة عمرانية وخاصة بناء الحصون والرجوم والرسوس لكثرة الغارات والحروب الطاحنة والأخذ بالثأر فلم تأمن البلاد والعباد من حروبهم.
وما أن جاء الإسلام ويأتي البشير بدعوة الرسول الكريم إلا كانوا ملبين داخلين حين وصل الدعاة من الصحابة وعلى رأسهم الصحابي الجليل معاذ بن جبل والخليفة علي بن أبي طالب وموسى الأشعري.. فأسس مع تلك الدعاة أول مسجد في رحب بوادي سدوان في عهد رسولنا الحبيب من ضمن سلسلة المساجد التي تأسست من ثفيف حتى غامد فتعز فمنها ما بقى وما اندثر لأسباب تغير الإمكنة ولظروف الزمان كما وجدت مساجد أخرى..
فزادت الهجرات للمنطقة وتجاور الكثير وشارك الأسمري الغامدي الفتوحات الإسلامية لمصر والاستقرار بالجيزة.. وخاضت خيولهم وركائبهم شرف فتوحات العراق وبلاد فارس والشام وضم فلسطين.. لتصبح الأخوة حياتهم وتتسابق خيولهم لرفع راية التوحيد والكل يضحي عن أخيه بدل الجاهلية الجهلاء فالحمد لله على نعمة الإسلام.
لتستقر ولاية جرش بأول حاكم لها من قبل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بتعين الصحابي الجليل صرد بن عبدالله الأزدي كأول والي لولاية جرش الجبيلة ثم تولى من بعده الصحابي الجليل سعيد بن قشب الأزدي ثم الصحابي الجليل حميضة بن النعمان البارقي ثم تلا ذلك العديد من الولاة حتى هرب بني أمية من بطش بني العباس بعد سقوط دولتهم ١٣٢هـ/٧٥٠م فمنهم من استقر في عسير حكم منهم ما يزيد عن خمسين أميراً منذ استقرارهم لتنتقل المنطقة نقلة نوعية متعددة الجوانب الحضارية والإدارية فنالت بعض التطور.
وخلال تلك القرون الطوال شارك أهالي بني الأسمر ضمن الركب الثأر للتصدي للقرامطة ومن ناصرهم ودلهم على الدروب لمكة وشارك جرمهم المشهود بمذبحة الكعبة الشريفةبداية القرن الرابع الهجري. كما ساهم بني الأواس بالآلاف الخيول والفرسان ضمن ركب القبائل المشاركة لتحرير بيت المقدس مع القائد صلاح الدين الأيوبي وخرجت منذ عام ٥٨١هــ/١١٨٥م وتحقق النصر والتحرير سنة ٥٨٣هـ/١١٨٧م
وشهدت النواحي العقدية بالإقليم صفاء العقيدة لا يشوبها شيء وأن وجدت أعمال مخالفة فلا تمثل إلا القلة وما أن سمع الأهالي بدعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله مع مواسم الحج منذ العقد السابع من القرن الثالث عشر الهجري إلا أن استبشر الأهالي بها وناصروها وقدموا كل غالي ونفيس لها دلالة على تمسكهم بالعقيدة الصحيحة ولنا وقفة عن كل ما نقله المستسرق بوكهارت بإسقاطات غير صحيحة عن الجهل والتخلف بما يسمع دونما يرى أو من بعض مؤرخين اليمن بسبب حروب أهالي الجبال العسيرية مع الأئمة الزيدية مما تم تدوينه عن عقيدة أهالي الإقليم في كتاباتهم فلم يكن فيها مصداقية بسبب العداوات بينهم.
دخلت الدعوة وتشربتها المنطقة وما أن علم محمد علي الألباني إلا وقد أرسل الجيوش وحضر لمحاربة الدولة السعودية الأولى فدافع الابطال دفاع شرس والممتدد من وادي الصفراء ١٢٢٦هـ/١٨١٢م فأثبتت جيوش إقليم الجبال ثباتها وشراستها وكذلك انتصارات عديدة في القنفذة وتربة وعدد من المعارك حتى عسير بفضل الله وعزيمة وأفعال الصناديد النابع عن حب ديارهم والذود عنها كانت تنقصهم الخبرة وتوحيد القيادة وتتبع فلول المنهزمين..
وهنا سأخص بني الأسمرو دورهم الريادي الجبار في الاستمرار لدحر و محاربة الاتراك بل لم يسمحوا لهم بالإقامة في بلادهم وقاتلوهم أشد القتال وقد سمعت أحد الأشخاص تناول بللسمر و الاتراك ولم يظهر دورهم الحقيقي بل كان له إسقاط بدون قصد من حماسته أثناء الحديث عن الملاحم الوطنية ولم يوضح حضور العسريين معهم ومشاركتهم للإطاحة بهم ومع ما تم من وضع حيلة باءت بالفشل.
راية بني الأسمر الأولى في رجال الحجر بدائرة مقسومة ثم توالات شعارات القبائل بتعداد الدوائر وتقسيمها و تمثل الدائرة شعارات رجال الحجر الحربية و أخص بني الأسمر فبادرت بني الأسمر في الدفاع عن قاعدة الجبال العسيرية والمتخذة من طبب قاعدة لها التي يتم إدارة أمورها العسكرية والاقتصادية.. للإمارة السعودية منها ولتصدي الجيوش السعودية لأي عدوان أجنبي على الأراضي السعودية التي عاصمتها الدرعية وقد خاضت المنطقة معارك عديدة فلا تتجه حملة إلا تقع فيها عشرات المواقع ومن ضمن َ القادة السعوديين الذين تصدوا لتلك الحملات المتأخرة (محمد أحمد المتحمي وسعيد بن مسلط وعلي بن مجثل.. ) فنقضوا على الحامية المصرية في طبب أكثر من مرة ومن ضمنها ١٢٣٣هـ/١٨١٧م حين تواجد البشوات الاتراك والقادة والإشراف ومنهم حسني باشا وجمعة باشا وسنان أغا وخليل بك وصبحي أغا وكانت الحرب سجالاً فأحرز الأهالي انتصارات كان لها صدى كبير مقابل ما تملك تلك القوات من دعم معنوي بتواجد قادة الاشراف معها وكبار الضباط والأسلحة الحديثة تمكن الجيش السعودي من الانتصار على تلك الحامية المدججة بالإسلحة .. فنسحب القادة الاتراك والمصريون والمغاربة.. من موقع المعركة بتكتيك عالي بسبب خبرتهم وتدريبهم و يملكون من خرسانة متطورة وقتها وركائب وخيول وعدد وعدة ساعدتهم من الانسحاب فكانت سرية بني الأسمر الصلبة بفضل الله وقدرته قد تمكنت من الفتك بجزء منها بداية الأمر في معركة الملاحة وقتلت الكثير وفر الأخرون وتمكنت من اللحاق بهم و أدركت البقية فضربت قلعة شعار واضربت النيران مطبقة سياسة الاتراك وأمسكت بالبقية الباقية في معركة تيه وقتلتهم شر قتله ولم ينجو منهم سوى القليل وكان ضمن القتلاً قادة وشخصيات مهمة نتج عنها صدى كبير لدى دولة محمد علي باشا وتباشرت القوات السعودية بنصر كان له واقع قوي نتج عنه انسحاب قواتهم ولم تعد إلا بعد أكثر من عام.
وعادت العديد من الحملات كل حملة فيها عشرات المعارك وتلك سياسة قادة القبائل أنها وضعت خطط ومنها تكمن للجيش مرات عديدة وفي عام ١٢٥١هـ/١٨٣٥م كانت حملات حسن أفندي وإبراهيم باشا واللواء عمر بك ومعه الشريف محمد بن عون وتمركزت بباحة تنومة وانطلقت فحاصرت بني الأسمر ووصلت قواتها قصر مانع شيخ بني الأسمر بوادي لاع ومعه العديد من السرايا العسريية وتم عمل كمين بدعوى تقديم الضيافة العربية ولكن خطأ ما حدث فنكشف الأمر فبادر جماعته والقوات العسيرية بإطلاق النار على الجيش الذي يفوق جيشهم عدد وعده ولأن أهالي بني الأسمر يدركون ما فعلوا في معارك الملاحة وشعار وتيه ومعهم أخوانهم العسيريون فأطلقوا التعشيرة بقوة وصلابة و انطلقت تلك من القصور والجبال كأنها المطر وكان يدرك الجنود الاتراك الخطر والعداء الشديد من الأهالي بسبب سياسة الأتراك القذارة ولكن حين أدركت القوات العسكرية ميل الكفة للأتراك لأسباب كثيرة انسحبت وقتل خلق كثير وسجن خلق كثير واتبع الاتراك سياسة الأرض المحروقة فبادروا في حرق المزارع وهدم البيوت وجرت العادة عند سماع الجيوش أو خطر قادم فالناس يتجهون للصدر بتهامة أو البادية قبل قدومهم وصادفت تلك الحملة مواسم الزراعة لأن كميات البهايم كبيرة حفاظاً على المزروعات فالجميع في أماكن صعبة وهي عادة جرت فلا يبقى إلا المقاتلين أو الحراس واستمر الجيش الأهوج في القتل والتدمير حتى دخل أبها.
يبدو لصعوبة بللسمر وتضاريسها لم تسمح لاستقرار حاميات بها أضف لقوة الأهالي المعنوية مما شكلت أراضي بني الأسمر معارك لا غير وتكررت تلك في حربهم للحملات التي قدمت للمنطقة وقد دافع الأهالي مع محمد بن عايض حين تحصن بحصون ريدة ١٢٨٩هـ/ ١٨٧٢م وأسر شيوخ كثير ومنهم شيخ بني الأسمر.. وتلاها عدد من الحملات ومنها حملة عام ١٣٢٩هـ /١٩١١م وحدثت العديد من المعارك الغير متكافئة ومنها على سبيل المثال معارك الدهناء و الهدار و الاثنين وغيرها من المعارك الكثيرة وراح ضحيتها ميئات الشهداء ولم نتطرق لها.. وعلى كل حال لم تخضع بني الأسمر أو تميل أو تستقبل أحد من تلك القيادات التي قدمت للسلب والنهب والإحراق والقتل وزراعة التنباك والحصول على المحاصيل الزراعية المختلفة وعلى رأسها البن ليعلم الكل أن فرسان بلاد بني الأسمر مع أخوانهم من المنطقة لم يقبلوا تلك الهمجية ولم يتمكن الاتراك من البقاء في ديارهم للعديد من العوامل السابق الذكر و تصحيحات لبعض ما تم رصده في بعض المقاطع المنتشرة وليعلم أن الاحراق والقتل واخذ رهائن دليل وقفت الابطال ولم تخضع لتلك العداوات مع المفارقات الكبيرة في ما يملك الأعداء من أسلحة متطورة تعمل فارق في معاركهم.. ويجب تناول التأريخ بالعقل والمنطق وتحري الحقيقة فكل القبائل لها مشاركات تثلج الصدر للذود عن الإقليم وقت إذ.
ودمتم.
أ. عمر ناصر الأسمري