لطة واحدة كفيلة بنسف تاريخ نجاحك وعملك الدؤوب في مجتمع يجيد جلدك بسياط السخرية متى دعت الحاجة لذلك ، بل والأدهى من ذلك حين تأخذ توجهاتك منحى آخر غير التوجه الذي يؤمن به ذلك المجتمع ويناضل من أجله .
وسطية المبدأ وإمكانية اختيار منهج محايد بين المهاترات التي يغص بها المجتمع من حولك فكرة غير مجدية ( ما توكل عيش ) في زمن التحزبات المبطنة والجبهات المتزايدة والتي تفتح عليها نارها بلا هوادة ، فلا يمكنك مثلاً أن تصنع قناعاتك حول قضية مستجدة أو فكرة حديثة في المجتمع وتسير بعكس التيار إلّا وتجد نفسك محاط بهاشتاق يختصر فداحة ما قمت به في نظر كل من اطلع على قضيتك . الخيارات محدودة جداً أو بالأصح شبه معدومة حيال شق طريق مستقل في وجه تلك التيارات التي لن تتوانى في سحق سيرتك واسمك ومكانتك ونسبك لو تطلب الأمر في سبيل إخضاعك لمنهج ( الخيل يا شقراء ) .
ما يجعلك تقف مشدوهاً حقاً ليس الهجوم متعدد الجهات الذي يشن عليك في ذات اللحظة ، إنما تلك الأصناف التي لم تكلف ذاتها في البحث خلف حقيقة ( هشتقة ) فكرتك والخوض غير المبرر في سمعتك والبحث عن عثرات قديمة تكلّب عليك الرأي بصورة أوسع حتى تصبح مجرد أداة يمكن استخدامها متى دعت الحاجة .
ناهيك عن أن الشخصية التي تقع تحت مجهر ( الهشتقة ) تزداد مصيبتها وتتعاظم خطيئتها بقدر ما هي شخصية معروفة وجماهيرية وذات ذيوع بين الأوساط المجتمعية ، هنا على تلك الشخصية البحث عن بيت القوقعة ليتمكن من الانزواء فيه وصد تلك الهجمات المتتالية والمتعاكسة الاتجاهات . والتي تسعى لتناوشه بما يخدم مصلحتها المجتمعية أو الحزبية أو القبلية .
مراقبة عن كثب لمواقع التواصل الاجتماعية تؤطر لك حالة العقل الجمعي الذي لا يؤمن بتعدد الآراء ولا يستسيغ فكرة تعدد الأفكار ولا يظن للحظة أن السبيل لنضج مجتمع أو جماعة يبدأ من خلال نقطتين رئيسيتين ( الأخطاء واختلاف المطروح أو المعروض من وجهات نظر ) ، فمن خلال هاتين النقطتين يمكن أن تدرك مدى تحرك عجلة النمو الفكري في أي مجتمع ، غير أن سياط السخرية والتحجيم والمقارعة التي تلحق بظهر المرء جعلك الكثير يحجم عن صناعة وصياغة ما يراه ويعيشه وفق عقيدته ومنهجه الخاص .
– عوداً على بدء ،، في زحمة هذا الرفض الجماعي للغلطات الواردة حتماً أو الآراء المبتكرة أنت أمام خيارين لا ثالث لهمها ، إما التدرّع بسياسة التجاهل والمضي قدماً حتى ما بعد الأخير أو الانصهار في موقد القناعات الدارجة والأفكار المتداولة والغياب في زوايا المعتاد .
خروج حتمي : من يعاشر الذئاب يتعلّم العواء . ( مثل ألماني ) .
بقلم / خزام الشهراني