في حلقة حراك (هيئة الأمر بالمعروف بين رؤيتين ) طالبت في مداخلتي بأن يكون للهيئة وزارة مستقلة وبررت ذلك بأنها تمثل دور ولي الأمر الملك عبدالله حفظه الله كصاحب ولاية عامة يجــــب عليه شرعا تغيير المنكر بيــده فلابد أن تكون بمستوى يليق بمكانته كوزارة مستقلة ، وكذلك لأنه يعتبر أمان لكل امرأة فنتمنى ترقيته وتطويره لوزارة، ولأن الوضع الحالي أوقع افراد الهيئة قبل المجتمع ضحية له فلابد من تطوير نظامها وآلياتها كوزارة قوية .
وبغض النظر عن الأحداث الأخيرة للهيئة في حادث إنقلاب سيارة الشابين باليوم الوطني، وعن هل رجل الهيئة يعتبر متعمد للقتل ام انه ضحية لنظام بدائي بالي أم أنه بريء كما ثبتت براءة جميع قضايا الهيئة التي صعدت من قبل الإعلام كجريمة قبل ثبوت البراءة ولم يصعد ثبوت براءتها !!! بغض النظر عن ذلك علينا الآن أن ننظر لعمل الهيئة المستقبلي ، وأن نستفيد من التجربة بشكل لا نجعل فيه عمل الهيئة يتقلم ويتقلص ، بل نجعل له فاعلية أكبر وبنظام أفضل لنكون خير الأمم بذلك .
وجهة نظري لعمل الهيئة الحقيقي هو انه تنظيم شرعي وأخلاقي للمظاهر الاجتماعية ، فإذا كانت دول الغرب تراقب وتقيد وتعاقب الأفراد للحفاظ على المظهر العام للمدينة من الناحية المادية الجمالية ، فدولتنا تراقب وتقيد وتعاقب الأفراد للحفاظ على المظهر العام للمجتمع من الناحية الأخلاقية والدينية ، وجزما فإن حماية الأخلاق والفضيلة والدين أمر أساسي و أرقى من حماية الجماليات المادية وان كانت كلها مهمة وجميل أن نجمع بينها.
وجود الهيئة سواء وزارة او رئاسة هو نظام وقانون شرعي سماوي ، أما ما ينادي به البعض باستبدال هذا القانون السماوي بالقوانين الوضعية الأرضية البشرية فهو استبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير ، فلو مثلا وضع قانون حماية المرأة من التحرش كبديل عن وجود الهيئة فإن ذلك لن يضمن أن يكون المظهر العام للمجتمع مظهر إسلامي يلتزم فيه النساء بالحجاب الشرعي ، فحماية بضع نساء بقانون لن يرقى لحماية المجتمع بأكمله والحفاظ على المظهر الإسلامي العام بتشريعاته وأخلاقياته ، فمن خلقنا هو أعلم بالأصلح لنا وهو سبحانه من أمر بوجود هذه الشعيرة ، وعلينا إقامتها بطريقة أنسب وآلية أكثر دقة وتنظيم لأن الناس يلتزمون بقوانين السماء أكثر من التزامهم بقوانين الأرض.
وكما قد أسلفت بأنه إذا كان صاحب السلطة أي سلطه يجب عليه تغيير المنكر باليد ، والملك عبدالله كصاحب سلطه ولى الهيئة للقيام بهذا الواجب عليه ووكلهم بهذه المسؤولية.. فلابد أن ترقى طرق الإنكار للمستوى الذي يليق بمستوى ملكنا حفظه الله ,
فطريقة الإنكار بالضرب أو المطاردة أو حتى بالكلام الغليظ والتحقير لا يليق بالمستوى ولا يمثل ملكنا عبدالله حفظه الله ، ولن ترقى طرق الإنكار إلا إذا احترمنا الجهاز بترقيته لوزارة يتم فيه توجيه وتحديد التصرفات الصادرة والمتعامل معها .
إن كان نظاميا يعطى رجال الهيئة الحق في القبض والضبط لمرتكبي المحرمات او المشتبه بهم ، فعلى النظام ان يفرق بين المحرمات التي تعتبر جرائم تستحق القبض كترويج الخمور والسحر والزنا وبين المحرمات التي لا تعتبر جرائم تستحق القبض ، و على النظام بأن ينظم عملية القبض والضبط على ما ثبت وما لم يثبت وأن لا يتوجه أفراد الهيئة للقبض والضبط إلا بأمر إداري مدروس خال من القرارات الفردية العشوائية.
لا أعيب تصرفات الهيئة الفردية بقدر ما أعيب النظام البدائي الذي يزج بأفراد الهيئة للميدان بدون تثقيفهم قانونياً وشرعياً وإدارياً وبدون توجيه للتصرفات الصادرة ميدانيا وبدون تنظيم لعمليات القبض والضبط بقرارات فردية لن تسلم من الخطأ مرة لو سلمت مرات ،ولذلك أنادي بأن تصبح وزارة لها آليات أكثر تنظيم ودقة وإختيار لأفرادها بعد تحليل لشخصياتهم فيختار الشخص الحازم الحكيم البشوش حسن التعامل الذي يخلو ملفه من السوابق.
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة سماوية وقطاع مهم يمثل خادم الحرمين الشريفين ، فلابد ان يكون بمستوى وزارة يليق لهذا العمل الحساس دينيا واجتماعيا وأخلاقيا وحتى سياسيا .