بالاونة الاخيرة لفت انتباهي كثرة الاقلام التى تأتي مدفوعة من دول أرادت أن تدفع بالسعودية الى دوائر الفوضى التى بدئت مع عواصف الربيع العربي بعام 2011م و ليس لديها موضوع او حديث سوى أنتقاد السعودية ليلا و نهارا، حتى بات هناك باحثون متخصصون فى الشأن السعودي كل شغلهم الشاغل هو البحث عن السلبيات داخل المملكة و التفنن فى تشويه صورة المملكة للرأي العام، او حتى من أبناء جلدتنا الذين يمدحون اعدائنا فى قنواتنا العربية .
بتأكيد انا لست ضد انتقاد أي نظام أو حاكم فلا يوجد بشر معصوما من الخطأ و انا شخصيا أختلف مع المملكة العربية السعودية الشقيقة فى مواقف و فى تعاملها مع بعض الملفات بالاقليم و اتفق معها فى مواقف كثيرة أخرى، كما أقدر جيدا حجم المخاوف داخل الشقيقة السعودية بسبب المتربصين بها و التحديات التى تواجه المملكة، و لكن أن أرى سيلا من الاتهامات لا يتوقف للحظة واحدة على السعودية مع أستمرار عمليات التخوين و تكفير حكامها و شعبها فهنا يجب ان يكون لنا وقفة لكي نرد بالمواقف و الاقناع و العقل و لن نرد على غيرنا بنفس اسلوبهم الرخيص .
فالمملكة العربية السعودية كثيرا ما وضعت مصالح أشقائها العرب قبل مصلحتها، و كثيرا ما قدمت استقرار و أمن أشقائها على مصلحة أقتصادها و لاينكر أحد ذلك الأ جاحد، و من يزايد علينا دوما بالقضية الفلسطينية عليه أن يعلم ان المملكة العربية السعودية تتعامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق على انه جزء من الشعب السعودي، فرواتب العاملين بفلسطين تودع من السعودية، و أن كافة أحتياجات المستشفيات و وحدات العلاج بفلسطين هي جزء أساسي ضمن ميزانية وزارة الصحة السعودية، و بتأكيد لا ننسى مشروع أسكان الحي السعودي بقطاع غزة الذى ساهم كثيرا فى تخفيف المعاناة على أهالي القطاع . و من أجل اليمن السعيد أوقفت ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ مشروع زراعة ﺍﻟﺒﻦ ﻓﻲ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ و لم تتردد للحظة فى أعفاء ﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﺭﻙ لترويجها بالسوق السعودي ﺑﻞ و العمل على ﺗﺼﺪير ﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﺑﻼ ﻓﻮﺍﺋﺪ حتى لا يتأثر الاقتصاد ﺍﻟﻴﻤني . كذلك لم تتردد السعودية فى الاعتماد على مملكة البحرين الشقيقة لسد احتياجات السوق و المستهلك السعودي من الثروة السمكية و تستورد منتجات الاغذية السمكية من البحرين بسعر أغلى من اسعار السوق العالمي لتدعيم قطاع الثروة السمكية بالبحرين .
و عندما وضعت السعودية خطة ضخمة لبناء مصانع الادوية و المستلزمات الطبية و مواد البلاستيك على أراضيها ثم علمت بالتأثير السلبي الذى سيعود بتلك الخطوة على سلطنة عمان الشقيقة توقفت السعودية تماما فى الاقبال على تلك الخطوة و استمر اعتمادها على الاستيراد من سلطنة عمان، و بموقف مشابه تماما ﺭﻓﻀﺖ السعودية أنتاج فوﺳﻔﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺮﻳﺖ ﺍﻟﺨﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺘﻀﺮﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻷﺭﺩﻧﻲ، بل ﻭﺍﺷﺘﺮﻃﺖ ﻋﻠﻰ باريس ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﻔﻮﺳﻔﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺗﻤﺎﻡ ﺻﻔﻘﺔ أسلحة عقدت بين الرياض و باريس . كما أن اﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ من أوائل الدول التى فتحت اسواقها أمام منتجات الاقمشة و الانسجة السورية و رفضت أقامة مصانع على أراضيها تنافس تلك المنتجات ﺑﻞ ﻭ ﺍﺷﺘﺮﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﻣﻌﺪﺍﺕ متطورة لدعم المصانع السورية الصغيرة دون أي مقابل .
و بعد انزلاق تونس الشقيقة فى وحل الثورات الملونة و فى الوقت الذي شن فيه نشطاء الربيع العبري بتونس هجوما حاد على السعودية بسبب أستضافتها للرئيس التونسي الاسبق زين العابدين بن علي، قامت السعودية بأيداع مبالغ ﻣﻦ ﻣﺨﺰﻭﻧﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺗﻮﻧﺲ كي ﻻ ﻳﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﺭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ و لم يتردد بعدها وزير الخارجية سعود الفيصل رحمة الله عليه فى اعلان دعم بلاده لاختيارات الشعب التونسي و استقرار الدولة التونسية . و كما يعلم الجميع أن السعودية كانت من أكثر الدول التى وقفت بقوة ضد مؤامرات الغرب على أرض الكنانة مصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو .
و فى أحد المواقف التى لا تنسى قرر الملك عبد الله رحمة الله عليه أرسال شركات البحث و الاستكشاف عن الغاز و النفط الى السودان الشقيق دون مقابل و وقتها قال الملك عبد الله ” أننا ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﺛﻤﻦ ﻷﻥ ﻧﻬﻀﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻫﻲ ﺃﻏﻠﻰ ﺛﻤﻦ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ “، و من أجل دعم الاقتصاد الجزائري ﺃﻏﻠﻘﺖ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻣﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭذهبت ﺗﺴﺘﻮﺭﺩﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺑﺄﺿﻌﺎﻑ ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭ ﺗﺒﻴﻌﻪ ﺑﺎﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺧﺴﺎﺭﺓ 1.7%، و عندما طالت حمى الضنك اراضي المملكة المغربية الشقيقة فى الحال حولت السعودية عقارات حمى الضنك من لندن الى الرباط قبل ان تواجه المغرب اي خسائر قد تكلف اقتصادها الكثير .
فقد تتفق او تختلف مع السياسات الخارجية للمملكة العربية السعودية و هذا امرا عادي و لكن لا يستطيع أحد المزايدة عليها او التقليل من دورها الريادي و الحيوي فى الاقليم، و فى نهاية مقالى لا يسعني الكلام سوي أن اقول حفظ الله المملكة العربية السعودية و شعبها و سائر شعوبنا العربية من كل الحاقدين على خيرات أرضنا و عظمة تاريخنا و وحدة شعوبنا و كل من يحاول أن يزايد على جهد قادتنا و تضحيات رجالنا من أجل أستقرار دول المنطقة و حفظ السلام فيها . فلكل المتربصون بالسعودية اقول انتبهوا الم تتعلمو الدرس من سلمان الحزم بعد ؟
فادى عيد
الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط