إن السعي للربط بين شيئين مختلفين ، و بذات طبيعتين مختلفتين قد يكون أمراً سهلاً للمتكلم ، بينما هو في غاية الصعوبة و قمة التحدي لمن يعمل على إيجاد ذلك الربط ، و هذا ما نسميه الإبداع الحقيقي ، و هو الأمر الذي يكلف العامل على الربط بين هذين الشيئين المختلفين و الظهور بناتجٍ مختلف عن طبيعتهما الأولى الكثير من الوقت و الجهد و المال ، بل ربما يدفعه للانعزال عن العالم فترة من العمر .
فتجد أن ابتكار شئٍ ما قد يحتاج لمدة من الزمن ، فها هو رينيه ت.هـ الطبيب الفرنسي يبدأ أولى خطواته في عام ١٨١٦م لمحاولة اختراع جهاز يمكنه من سماع دقات قلب المريض دون الحاجة لإلصاق إذنه بصدر المريض ، بيد أنه مات و لم يتمكن من الخروج بالشكل الحالي لسماعات الإذن التي يستخدمها الطب الحديث و التي لم تظهر للوجود إلّا في عام ١٨٥٥م .
و قس عليها الكثير من الابتكارات و المؤلفات التي احتاج الربط بين جزيئاتها أو أحداثها إلى فترة من الزمن ، فها هي الكاتبة الأمريكية توني موريسون تقول : أحتاج من ثمانية أشهر إلى سنتين أفكر في عمل روائي وحيد حتى استطاعت من خلال هذه الفترة أن تخرج لنا بنشيد سليمان أو سولا أو الفردوس أو العين الأكثر زرقة و غيرها من رواياتها العالمية .
أظن أننا نحتاج لقدرةٍ هائلةٍ حتى نتمكن من ذلك الربط البديع بين الأشياء و الكثير من الصبر و التمرس حتى نستطيع صنع الفارق بين و في كثير من الموجودات في حضرتنا و بيئتنا .
المجد هو ناتج طبيعي للتغيير الإيجابي ، و العمل هو السبيل لهذا الناتج ، و الجهد هو السواعد و العقول الناضجة و القوية التي بها تكون الحضارات و الصناعات و المؤلفات و إكسير الحياة .